من غرائب السياسة اللبنانية،ووقاحتها،أن يبادر البعض لحمل راية الدفاع عن السيادة اللبنانية بوجه الميليشيات أو الدول الخارجية،و مصدقا لنفسه وشعاراته،،بل ويتهم الآخرين من السامعين بالغباء وعدم المعرفة بتاريخه وسلوكياته،وهذا ما ينطبق على الكتائب اللبنانية ومواليدها الشرعيين وغير الشرعيين من شخصيات وقوى سياسية،والذين يحملون راية الدفاع عن السيادة ومنع حمل السلاح(غير الشرعي)في لبنان وضرورة نزع السلاح المقاوم،وإبقاء السلاح بيد الجيش اللبناني فقط.
وهنا نطرح السؤال...على الكتائب اللبنانية بإنتظار جوابها الذي نعرفه، فيما تتجاهله وتخفيه بصراخها المنبري والإعلامي ضد السلاح...
ألم تكن الكتائب أول حزب سياسي لبناني يحمل السلاح (غير الشرعي)كميليشا مسلحة في لبنان بعد الإستقلال في الوقت الذي لم يكن مع الآخرين سكين مطبخ...
ألم تبادر الكتائب اللبنانية ومواليدها السياسيين والعسكريين إلى تفجير الحرب الأهلية بطلقات نيرانها على بوسطة عين الرمانة عام 1975؟!.
ألم تكن الكتائب اللبنانية أول من شرع التعامل مع إسرائيل وطلب الدعم متجاوزة السيادة الوطنية،والإنتماء الوطني والإتصال بالعدو؟!...
أليست الكتائب من أمن الغطاء السياسي للضابط سعد حداد لإنشاء(دولة لبنان الحر) في جنوب لبنان بالتحالف مع الإحتلال الإسرائيلي... وبعده لأنطوان لحد وجيش لبنان الجنوبي؟!...
ألم ينتخب بشير الجميل تحت وطأة السلاح الإسرائيلي في إجتياح عام 1982؟!...
ألم ينتخب أمين الجميل تحت وطأة السلاح الإسرائيلي،وكان ثمن الإنتخاب إتفاق 17أيار برعايته... قبل أن تسقطه القوى الوطنية والإسلامية؟!...حفظا للسيادة والكيان اللبناني وقراره المستقل؟!...
ألم يزج الرئيس الجميل بالجيش في المعارك الداخلية في الضاحية وسوق الغرب وبيروت الغربية،وحول وجهة السلاح الشرعي بيد الجيش إلى سلاح غير شرعي بوجه المواطنين وبالتالي لجأ إلى السلاح لفرض قراراته السياسية،بينما لا يزال يطرح عدم شرعية السلاح في الداخل وعدم فرض القرار السياسي بقوة السلاح...!!
ألم يستعن الرئيس الكتائبي بصفته رئيسا للجمهورية بالبوارج الأميركية وفي مقدمتها المدمرة (نيو جرسي) لقصف الضاحية والجبل ودعم قواته في معارك سوق الغرب...!!
وأين كانت السيادة والعنفوان...؟ أم أن السيادة هي بالإلتحاق بالركب الأميركي وحلفائه الإسرائيليين وغيرهم ...!!
الظاهر أن الكتائب ومن يشاركها خطها السياسي،وما تبقى من 14 أذار المسيحية،تعتبر أن السيادة لا يمكن أن تكتمل إلا بالتبعية الأميركية،وحسن الجوار مع إسرائيل،وأن بطاقة السيادة الوطنية يجب أن يوقعها السفير الأميركي أو الفرنسي ،الذي يحي البعض من البطاركة قداسه على نية فرنسا،( الأم الحنون).
ولإظهار الحقيقة لمن لا يعرف،والحقيقة بوجه المضللين بقصد أو بغير قصد،لا بد من وضع التوضيحات التالية :
- السلاح المقاوم،نتيجة منطقية لمواجهة ، الإحتلال الإسرائيلي وعملائه ،على قاعدة الإنتماء الوطني.
- السلاح المقاوم،ليس سببا للحرب،بل وسيلة لمنع الحرب أو الإعتداء،وإن وقعت الحرب فهو وسيلة للتقليل من خسائرها،وفق معادلة توازن القوة أو الرعب أو الخسائر.
- السلاح المقاوم،لم يفرض شروطه السياسية في الداخل بل أن البعض حاصره بالسياسة والميدان،وحاول الدفاع عن نفسه فقط،ولم يتجاوز حدود الأمان الوطني.
- نزع السلاح مطلب إسرائيلي – أميركي لإراحة إسرائيل وتسهيل الطريق أمامها لإستباحة لبنان وفرض شروطهما ولتحقيق مطامعهم،وبالتالي فمن يطالب بنزع السلاح،يكون مساهما في المشروع الإستعماري بقصد أو بغير قصد.
ولأن البعض لايريد الإعتراف بما حققه المجاهدون المقاومون من انتصارات ،بدمائهم وسلاحهم لابد من تذكيرهم ان القررات الدولية لم تحرر ارضا ولم تسترجع اسيرا ولم تمنع سرقة المياه ، ولم تمنع اغتيال المقاومين ، وبقي القرار 425 اكثر من 22 عاما ولم تنفذه اسرائيل الا بالقوة والمقاومة .
وبما ان البعض يتمادى في خدمة العدو الإسرائيلي ، بوضوح وجرأة ، مستمرا في نهجه المتحالف مع اسرائيل ،ومستفيدا من العفو الذي اعطي له بظروف إستثنائية ، ولكي نحفظ ساحتنا الداخلية ومنجزات التحرير وجهاد المقاومين ، لابد من مواجهة الطابور الخامس العلني، الكنسي والسياسي ، لأن ابقاء المقاومة والوطنيين في دائرة الإتهام وإشغالهم جانبيا بالدفاع عن أنفسهم وأهدافهم ووطنيتهم ،يؤثر على متانة الساحة الوطنية الداخلية وجهوزية المقاومة والجيش للدفاع عن لبنان.
ولذا يجب اعادة توصيف العمالة ، السياسية والإعلامية ، بحيث لاتقتصر العمالة على من يقدم المعلومات الحسية للعدو ، بل الذين يعملون على إثارة القلاقل والفتن المتعددة الأساليب والأوصاف ،خاصة وأن التهاون مع العملاء الذين ألقي القبض عليهم ،ولم ينالوا القصاص العادل ،المتمثل بالإعدام ليكونوا عبرة لغيرهم، لتقليل حالات العمالة المتنامية بشكل خطير على كل المستويات والمناطق ، وخاصة الحالات المكشوفة والعلنية بعنوان حرية الرأي السياسي ، ولأن الموقف المعادي للعدو الإسرائيلي ليس مباحا بالمعنى الوطني ، بل هو واجب يستدعي التضحيات ، والخارج عليه يكون خائنا ،ويجب معاقبته لحفظ الكيان والسيادة والإستقلال الحقيقي غبر المرتبط بأميركا وإسرائيل ، والمستغرب أن يصبح المقاوم متهما ، والعميل المتحالف مع العدو الإسرائيلى قاضيا يوزع التهم والبطاقات الوطنية ، وهذا ماتتحمل مسؤوليته القوى التي اطلقت سراح العملاء الكبار والصغار ، واعطتهم العفو عن جرائمهم فأصبحوا رواد عدالة مشبوهة .
إن الدولة وأجهزتها مدعوة لتنفيذ القانون بحق العملاء والمحرضين، وعلى القوى الوطنية المقاومة ،خاصة التي لاتتحمل وزر العمل العسكري ،أن تبادر الى تحرك شعبي واعلامي ضد العملاء الكبار والصغار ، للدفاع عن ثقافة المقاومة ومجاهديها ، لحفظ ماتحقق من انتصارات ، ولردع العدو وحماية لبنان ،قبل فوات الأوان.
د.نسيب حطيط